تكميل ما فات الشيخ الألباني في تخريج أحاديث مشكلة الفقر

جمع وإعداد: أبو مالك، عمرو محمد أشرف

بسم الله الرحمن الرحيم 

الحمد لله ولي المتقين الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين ، وآله , وصحبه , ومن تبعهم إلى يوم الدين .
بين يديك ـ أخي القارئ ـ مبحث لطيف وليد الخاطر ، انقدح في نفسي أثناء  تكراري قراءة كتاب " تخريج أحاديث الفقر " ...للعلامة الألباني -رحمه الله-.
فمرت معي أحاديث لم يتكلم عليها الشيخ الإمام رحمه الله، وأخرى لم يكمل التعليق عليها ..

وقد يكون السبب في ذلك ـ أو غيره ـ ضيق وقت الشيخ رحمه الله ،أثناء تأليفه ،مما تخللته منطقة الشام من فتن وهرج ومرج ...
فلعل أحد الإخوة الأفاضل ذوي الهمم يكتب حول موضوع (( الكتب التي ألفت في ظروف خاصة )) فهو وارد على كل من عانى الكتابة والتأليف ..
ومن باب إكمال ما بناه الأجداد أحببت أن أساهم في هذا القسط الصغير عسى أكون بذلك، قد ساهمت في خدمة تراث هذا العلم الفاضل . 
فاللهم يسر وأعن . 

والله يعلم أن هذا الجزء الصغير قد تعبت عليه تعبا شديدا ذلك : 
أني استنتجت أن الشيخ رحمه الله دقيق جدا ومحتاط  كل الاحتياط لما يكتب ويخرجه للناس ، فمن أصعب الأمور التي قد تمر على الباحث ،أن يفتش عما قال فيه الألباني ـ مثلا ـ "لم أقف على سنده" من هنا تبدأ رحلة البحث عن هذا السند الذي لم يقف عليه الألباني . وهو عمل شاق جدا ...

ولكل عمل ثمرة، بل ثمرات، منها:

أني جهدت بحثا عن إسناد مقولة عمر رضي الله عنه "إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة" ... فلم أظفر بشيء من ذلك . فعلمت أن شهرتها جاءت من إيراد الغزالي لها في الإحياء، ثم تتابع على نقلها عنه جماهير الوعاظ، بل لم يسلم من ذلك حتى شيخنا رحمه الله . 

وقد راودتني فكرة التوقف والانصراف إلى غيره . لكن الشيخ رحمه الله، له على محبيه وتلاميذه أمانة إكمال وتوصيل علم الشيخ للجيل الحالي والقادم ..

فأين نحن من قوله رحمه الله (( ألا نامت أعين الجهال )) في قصة معروفة , وأين وأين ..
أسأل الله أن يتقبل مني هذا العمل الصغير، ويبارك فيه، ويجعله خالصا لوجهه، وأن ينتفع به إخواني ـــ شكر الله لهم ــــ ومن وجد نقصا فليوجهنا لصوابه فأنا قابل منه شاكرا له داعيا .

1 ـ حديث رقم ( 4 ) { اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم } قلت : لم يتكلم عنه بشيء .
قال الشاويش : الحديث موجود في صحيح الجامع 1298 .. تنظر الحاشية .
ــــ قلت : أخرجه أبو داود 1381 قال حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا إسحاق بن عبد الله عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة به ..الصحيحة ، 1445ابن ماجه 3099 

2 ـ حديث رقم ( 53 ) ( جاء ولي يتيم إلى عمر بن الخطاب فقال أنفق عليه ثم قال لو لم أجد إلا أقصى عشيرته لفرضت عليهم)

قال الشيخ رحمه الله :"لم أقف عليه الآن.

 ـ قلت : قال ابن أبي شيبة في المصنف 10/18 حدثنا أبو خالد عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب به .

3 ـ حديث رقم ( 98) ( أيما أهل عرصة أصبح منهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة الله )
قال رحمه الله:" ضعيف وهو مخرج في ..." 

ـــ قلت : لم يذكر رحمه الله أين خرجه , وهو في ضعيف الترغيب والترهيب 1/ 275

4 ـ حديث رقم ( 25 ) ( روي أن عمر رأى بعد الصلاة قوما قابعين في المسجد بدعوى التوكل على الله فعلاهم بدرته وقال لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق، ويقول: اللهم ارزقني، وقد علم أن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، إنما يرزق الله الناس بعضهم من بعض، أما سمعتم قول الله - تعالى -: (فإذا قضيت فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله )

لم يتكلم عليه بشيء ولم أقف له على إسناد بعد بحث غير ما ذكره أبو حامد في إحيائه.

وورد نحوه عن أم الدرداء  .
5 ـ حديث رقم 37 ( وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ : مَا لَهُ لَوْ مَاتَ غَرِيبًا ) 

قال رحمه الله :" لم أقف عليه بهذا اللفظ وهو بمعنى الذي قبله "
قلت : أخرجه الآجري في صفة الغرباء حديث رقم 49 ص 70 ( ط بدر البدر)

والبيهقي في الشعب 7/ 172والنسائي 1832وابن حبان 2943
وابن ماجه 1614 من طرق عن حُيَيِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمَعَافِرِيِّ , عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ , عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : وَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرِ رَجُلٍ بِالْمَدِينَةِ فَقَالَ : مَا لَهُ لَوْ مَاتَ غَرِيبًا , قِيلَ : وَمَا لِلْغَرِيبِ مِنَّا يَمُوتُ بِغَيْرِ أَرْضِهِ ؟ فَقَالَ : مَا مِنْ غَرِيبٍ يَمُوتُ بِغَيْرِ أَرْضِهِ إِلا قِيسَ لَهُ مِنْ تُرْبَتِهِ إِلَى مَوْلِدِهِ فِي الْجَنَّةِ .
يطالع تعليق بدر البدر على الحديث.

6 ـ حديث رقم 26 ( قال عمر ما من حال يأتيني عليه الموت بعد الجهاد في سبيل اللّه أحب إليّ من أن يأتيني وأنا ألتمس فضل الله )

لم يتكلم عليه  الشيخ رحمه الله .
قلت : أخرجه عبد الرزاق في المصنف 11 / 464 ط عوامة 
ومن طريق عبد الرزاق أخرجه البيهقي في الشعب 2 / 93 عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر ذكر عمر أو غيره "مَا جَاءَنِي أَجَلِي فِي مَكَانٍ مَا عَدَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَأْتِيَنِي وَأَنَا بَيْنَ شُعْبَتَيْ رَحْلِي أَطْلُبُ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ " . وهو في جامع معمر أيضا 
وعزاه الآلوسي في تفسيره لسعيد بن منصور منسوبا لعمر رضي الله عنه

7 ـ حديث رقم ( 10 ) ( روي عن أبي ذر أنه قال عجبت عجبت لمن لم يجد القوت في بيته كيف لا يخرج على الناس شاهراً سيفه ) قال:  غريب. 
قلت : قوله غريب لا أدري هل هو من قول الشيخ  أو من قول القرضاوي وقد وقع في نسختي شاغرا. والصواب ما سبق وهذه الحكاية باطلة بيقين بيانه : 
 ـ أنه لا سند لها .
 ـ لم يذكرها من اعتنى بالتواريخ والتراجم كابن حجر والذهبي ..
 ـ تولى إفكها المسعودي في تاريخه .
 ـ علي بن الحسين بن علي الهذلي البغدادي أبو الحسن المسعودي المؤرخ، قال ابن حجر وكتبه طافحة بأنه كان شيعياً معتزلياً
 ـ قال الذهبي كان معتزليا 
 ـ كثرة الروايات التي لم يذكرها أحد من معاصريه ولا ممن أتى بعده تدل على كذبه .
 ـ قال ابن تيمية في المنهاج والحكاية التي ذكرها -أي الرافضي- عن المسعودي منقطعة الإسناد وفي تاريخ المسعودي من الأكاذيب ما لا يحصيه إلا الله تعالى فكيف يوثق بحكاية منقطعة الإسناد في كتاب قد عرف بكثرة الكذب
ـ ثبت عن أبي ذر خلاف هذه الحكاية المزيفة المكذوبة وهي :
 ـ ما أخرجه أبو داود الطيالسي بسند صحيح 446 حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ أَبِي عِمْرَانَ ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الصَّامِتِ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ ، قَالَ : أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَلَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ مُجَدَّعِ الأَطْرَافِ 
ـ أخرج ابن حبان في صحيحه بإسناد مضيء بالثقات 6090 قال أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الأَزْدِيُّ ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الْجَوْنِيُّ ، سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الصَّامِتِ ، يَقُولُ : قَدِمَ أَبُو ذَرٍّ عَلَى عُثْمَانَ مِنَ الشَّامِ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، افْتَحِ الْبَابَ حَتَّى يَدْخُلَ النَّاسُ ، أَتَحْسِبُنِي مِنْ قَوْمٍ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ ، يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ ، ثُمَّ لا يَعُودُونَ فِيهِ حَتَّى يَعُودَ السَّهْمُ عَلَى فُوقِهِ ؟ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، لَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَقْعُدَ لَمَا قُمْتُ ، وَلَوْ أَمَرْتَنِي أَنْ أَكُونَ قَائِمًا لَقُمْتُ مَا أَمْكَنَتْنِي رِجْلايَ ، وَلَوْ رَبَطْتَنِي عَلَى بَعِيرٍ لَمْ أُطْلِقْ نَفْسِي حَتَّى تَكُونَ أَنْتَ الَّذِي تُطْلِقُنِي ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَهُ أَنْ يَأْتِيَ الرَّبَذَةَ ، فَأَذِنَ لَهُ فَأَتَاهَا ، فَإِذَا عَبْدٌ يَؤُمُّهُمْ ، فَقَالُوا : أَبُو ذَرٍّ ، فَنَكَصَ الْعَبْدُ ، فَقِيلَ لَهُ : تَقَدَّمْ ، فَقَالَ : أَوْصَانِي خَلِيلِي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِثَلاثٍ : " أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ ، وَلَوْ لِعَبْدٍ حَبَشِيٍّ مُجَدَّعِ الأَطْرَافِ ، وَإِذَا صَنَعْتُ مَرَقَةً فَأَكْثِرْ مَاءَهَا ، ثُمَّ انْظُرْ جِيرَانَكَ فَأَنِلْهُمْ مِنْهَا بِمَعْرُوفٍ ، وَصَلِّ الصَّلاةَ لِوَقْتِهَا ، فَإِنْ أَتَيْتَ الإِمَامَ وَقَدْ صَلَّى كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلاتَكَ ، وَإِلا فَهِيَ لَكَ نَافِلَةٌ .

8 ـ أثر رقم 78 ( عن الحسن البصري قال" كانوا يعني : يعطون من الزكاة لمن يملك عشرة آلاف درهم من السلاح والفرس والدار والخدم"  
قال الشيخ رحمه الله :"لم أقف على إسناده وقد نقله المصنف عن البدائع للكاساني من كتب الفقه الحنفي "
قلت : وبدوري لم أقف على إسناده وقد روي في رد المحتار من كتب الفقه الحنفي

والله أعلم.